الاستثمار في أسهم أرامكو السعودية؟ لا يزال هناك تردد من أشخاص كثيرين حول الدخول في الاكتتاب. البعض لديه حجج منطقية مثل الانتظار حتى يبدأ انتشار تداول الأسهم، والبعض لديه بعض مخاوف وهمية على مدخراتهم.
كلتا الفئتين لديها حجج لكن لكل هؤلاء أريد أن أقول إن أرامكو السعودية ليست كباقي الشركات، حتى وإن تذبذبت قيمتها السوقية فهي استثمار آمن جداً طويل الأجل، والسبب في ذلك سهل. هناك طلب على النفط للعشرين عاماً المقبلة وأرامكو تدفع عوائد سنوية تفوق بكثير ما يمكن لأي سندات حكومية دفعه. إذ ستضمن أرامكو السعودية عوائد سنوية قدرها من 3 إلى 5 في المائة على الأسهم، في حين تدفع السندات الأميركية ما يقارب 1.75 في المائة حالياً.
ومن أراد التداول على الأسهم – فمثله مثل أي سهم في العالم… هناك احتمالية أن ترتفع قيمة الأسهم مستقبلاً، وهذا يجعلها استثماراً ناجحاً حيث يمكن استرداد رأسمال مع زيادة إضافة إليه وكذلك الأرباح المجتمعة.
ويجب أن يدرك كل من يريد الدخول في أسهم أرامكو أن الطلب على النفط سيظل عالياً لعقدين على الأقل، وهذه فترة كافية لتحقيق عوائد مجزية من وراء الدخول في الاستثمار.
وبعيداً عن الفائدة الاستثمارية، أود العودة للحديث عن الهجمة الإعلامية الغربية على اكتتاب أرامكو، التي كان آخرها تعليق من أحد الصحافيين الغربيين أن أرامكو أشبه ما تكون بالضريبة على الأغنياء في المملكة، لأن الحكومة تريد من المؤسسات والعوائل الغنية الدخول في الاكتتاب.
هذا التصريح للأسف يدل على عداء غير مبرر للاستثمار في أرامكو، إذ لا توجد ضرائب تدفع أرباحاً سنوية ويمكن استردادها. إن أسهم أرامكو أصول يمكن تسييلها في أي لحظة من قبل حامليها، ووصفها بالضريبة مبالغة غير منطقية. ومن ناحية ثانية، فإن المستثمرين في المملكة لديهم وضع استثنائي؛ فهم يعملون في نظام لا يفرض ضريبة دخل، واستفادوا لسنوات طويلة من الدعم الحكومي، ولا تزال الدولة تدعم كثيراً من الخدمات حتى إن تراجع هذا الدعم وتقلص، ولهذا دعوتهم للدخول في الاكتتاب ليس بالأمر السيئ لإعادة استثمار تلك الأموال التي جنوها في نظام داعم لهم.
ومن الأخبار السعيدة، مسألة طرح أسهم أرامكو السعودية في بعض الأسواق الدولية أمر مناسب حالياً نظراً لوجود أسواق جامحة وقوية، وكلنا يرى ما يحدث الآن من ثروات تتحقق من خلال الاستثمار والتداول على الأسهم الرائدة. ألم تسمع عن تضخم ثروات مؤسسي أمازون وفيسبوك وغيرهم الكثير. الذين يجتاحون الأسواق العالمية بمنتهى القوة.
وبالنسبة للمستثمرين الأجانب فهم يريدون الدخول في اكتتاب أرامكو نظراً للقيمة العالية التي يبحث عنها الجميع، ولكن مازالت الأولوية للسعوديين والبالغة 1.7 تريليون دولار.
وفي الحقيقة أنا مع توجه الحكومة السعودية برفع قيمة أرامكو لأن هذه الشركة نسبة زيادة أرباحها في المستقبل أعلى من نسبة هبوطها، وارتفاع أسعار النفط احتمالية أكبر من هبوطها. ولذا من الأفضل عدم الاستجابة لهم ولرغبتهم في شراء شركة لديها امتياز إدارة وتطوير أفضل وأضخم مكامن النفط في العالم بأقل تكلفة.
ومهما سيجري على قيمة أرامكو السوقية في المدى القصير، ومهما كانت الهجمة ضدها، فأنا من المؤمنين بمستقبل هذه الشركة على المدى البعيد، لأنها تمثل وطناً وأمة… ومن ناحية أخرى فهي تخطو كل يوم خطوات جديدة لمواجهة التحديات المستقبلية.
وليست المملكة فقط التي تسعى لتنويع مصادر دخلها، بل حتى أرامكو، ولهذا زادت استثماراتها في قطاع التكرير والكيماويات داخل المملكة وخارجها وتوسعت في إنتاج الغاز الطبيعي وزادت الإنفاق على البحث والتطوير لتصبح شركة طاقة متكاملة وليست شركة نفط وغاز وحسب، مثلما هو الأمر في كل دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
ولكن للأمانة التاريخية، فإن كل ما نقوله لا يلغي حقيقة وجود مخاطر، ولكن هذه المخاطر في كل استثمار وفي كل قطاع… ولا يوجد استثمار بلا مخاطر. ويبقى الإستثمار الأعظم دائما هو الإستثمار ذو المخاطر ٠ الأقل – كـ أرامكو.